لطالما كان البشر تواقين إلى البحث والاستكشاف بحكم طبيعتهم، فقد استكشفوا القارات منذ القدم، وها هم يواصلون استكشاف المحيطات والفضاء. ولقد كانت غريزة الاستكشاف هي التي دفعت هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي، إلى المغامرة بالذهاب إلى الفضاء، وإطلاق مسبار الأمل الإماراتي، وهو أول مسبار يلتقط صورة كاملة للغلاف الجوي للمريخ.

ومع تعمق دولة الإمارات في استكشاف الفضاء، قد يتساءل البعض عن سبب أهمية استكشاف الفضاء وفائدته للأمة.

ما هي الفائدة التي تعود على دولة الإمارات من استكشاف الفضاء؟

يوفر رؤية واضحة ويشجع على الابتكار:

إن غريزة الإنسان لاستكشاف ما وراء الحدود هي التي تعطي إحساساً بالرؤية الواضحة التي تدفع التكنولوجيا والابتكار إلى الأمام من خلال تشجيع الأفراد على الانخراط في العلوم والهندسة.

وعن ذلك، يقول نضال قسوم، عالم الفيزياء الفلكية والأستاذ بالجامعة الأمريكية في الشارقة في الإمارات: "مسبار الأمل يعني أن نبتعد عن الصراعات ونركز أكثر على التنمية البشرية والاقتصادية".

النمو الاقتصادي:

يدعم استكشاف الفضاء الازدهار الاقتصادي كونه يقدم صناعة جديدة ويخلق الكثير من الوظائف التي لم تكن موجودة من قبل، وذلك على غرار فرص العمل التي وفرها مركز محمد بن راشد للفضاء للشباب الإماراتيين.

يدعم الأمل في المستقبل:

في تعليق لها على مشروع مسبار الأمل، قالت معالي سارة الأميري، قائد الفريق العلمي الإماراتي لاستكشاف المريخ: "يسعدني أن يستيقظ أطفال الإمارات في 20 يوليو ليجدوا أمامهم مشروعاً قومياً، وواقعاً جديداً، وإمكانيات جديدة، تلهمهم للمساهمة بتأثير إيجابي أكبر في العالم."

وتسلط كلمات سارة الأميري الضوء على أهم فائدة ستجنيها دولة الإمارات من استكشاف الفضاء، ألا وهي الأمل في المستقبل؛ الأمل الذي سيحفز أجيال من الإماراتيين والمقيمين في الإمارات الذين نشأوا وهم يرون التقدم الذي أحرزته دولة الإمارات في استكشاف الفضاء، ويشجعهم على دراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة.

التقنيات والبحوث الجديدة:

كان استكشاف الفضاء بمثابة القوة الدافعة لابتكار التقنيات المختلفة التي جعلت حياتنا اليوم أسهل من أي وقت مضى. فبدون أبحاث الفضاء، ما كان ليكون لدينا أقمار صناعية للطقس أو أطعمة مجففة بالتجميد، فهذه كلها لم تُخترع إلا لغرض تمهيد الطريق نحو استكشاف الفضاء.

التجارب في الفضاء:

تُجري محطة الفضاء الدولية العديد من التجارب، وهذا لأن الغلاف الجوي للجاذبية الصغرى والتواجد في مدار أرضي منخفض، يوفر وجهة فريدة لإجراء تجارب لا يمكن إجراؤها على الأرض؛ مثل معرفة مدى التباين في نمو الخلايا والأنسجة في الجاذبية الصغرى على المدى الطويل.

وقد شارك هزاع المنصوري، أثناء وجوده في محطة الفضاء الدولية، في تجارب مماثلة تتعلق بالجاذبية الصغرى. كما تم فحص مؤشراته الحيوية قبل الرحلة وبعدها لفهم كيف يتفاعل جسم الإنسان في الفضاء. يتناول هذا البحث المخاطر التي يتعرض لها الإنسان عند الإقامة في بيئة الجاذبية الصغرى. كما توفر النتائج نظرة ثاقبة حاسمة للبعثات طويلة الأجل إلى الفضاء الخارجي في المستقبل.

الحماية من مخاطر الكويكبات الكارثية في المستقبل:

لم تكن الأرض محصنة أبداً من اصطدام الكويكبات بها. في الماضي، تسببت المذنبات والكويكبات التي ارتطمت بالأرض في انقراض جماعي للكائنات في كل مرة. وأملنا الوحيد في أن نكون في مأمن تماماً من الجسيمات الفضائية المدمرة يكمن في تصميم برنامج فضائي قادر على تغيير مسار مثل هذه الأجسام وإبعادها عن الأرض.

التعدين الفضائي:

لا شك في أن الموارد الطبيعية على الأرض آخذة في النضوب يوماً بعد يوم. ولا يقتصر الأمر على نفاد الموارد الثمينة بسرعة (مثل النفط في منطقة الخليج)، ولكن استخراج هذه المواد أدى أيضاً إلى أضرار بيئية جسيمة. ومن شأن التعدين الفضائي أن يقلل بشكل كبير من هذه التأثيرات المدمرة نظراً لوجود وفرة من الموارد الطبيعية في الفضاء، مما يوفر لنا إمدادات غير محدودة من هذه الموارد.

لطالما كان الجنس البشري وسيظل دائماً مفتوناً بالمجهول. وقد قادنا هذا الفضول والتصميم والتقدم التكنولوجي الاستثنائي إلى استكشاف الأراضي الغريبة، التي كان يُعتقد في السابق أنه لا سبيل إلى الوصول إليها. لكننا اليوم نرى كيف بات مفهوم السياحة الفضائية شائعاً ومألوفاً، ومن المرجح أن تكون موضع تركيز جيل جديد من المهندسين وعشاق الفضاء. ومن المرجح أيضاً أن يكون مستقبل استكشاف الفضاء أقل تكلفة وأكثر شمولاً مع اتساع الإمكانيات بقدر اتساع الفضاء نفسه.