يأتي شهر رمضان الفضيل بأجواء استثنائية خاصة ينتظر الناس قدومها كل عام، لكن يبدو أن الأحداث الحالية التي نشهدها في عام 2020 ستجعل هذا الشهر الكريم مختلفاً بشكل غير مسبوق هذا العام، خاصة مع تفشي فيروس كوفيد-19 حول العالم، والذي يعني إلغاء الكثير من الفعاليات المعتادة وفرض قيود عليها امتثالاً للتوصيات الصحية.

ففي المملكة العربية السعودية، التي تعد موطناً لاثنين من أقدس البقاع الإسلامية، قامت السلطات بحظر صلاة الجماعة في المساجد لحين انتهاء الوباء، وهذا الحظر يشمل، إلى جانب الصلوات المفروضة يومياً، صلاة التراويح التي تقام في رمضان. وفي الإمارات العربية المتحدة، تم إلغاء احتفالية "حق الليلة" التي تُقام قبل الشهر الفضيل، بحيث يقتصر الاحتفال على المنازل. وفي ظل تزايد معدلات تفشي الوباء يوماً بعد يوم، فمن المرجح أن الطقوس الأخرى لهذا الشهر الفضيل، مثل تجمعات الإفطار مع الأصدقاء والعائلة، لن تتم بنفس الطريقة التي اعتاد الناس عليها في السنوات السابقة.

لكن هذا الوضع الذي يبدو مليئاً بالقيود قد يمثل فرصة لإعادة استكشاف جوهر الشهر التاسع من التقويم الإسلامي، والذي هو في حقيقته موسماً للتأمل والعبادة. في هذا الشهر المبارك، يمتنع مسلمو العالم البالغ عددهم 1.8 مليار نسمة عن الطعام والشراب وأمور أخرى بداية من الفجر وحتى غروب الشمس، بينما يردون الجميل للمجتمع من خلال الأعمال الخيرية والإكثار من عمل الخير. ومن المرجح أن تحظى هذه الجوانب الخيرية بالأولوية في رمضان المقبل خاصة وأن الناس سيكون لديهم المزيد من الوقت للقيام بذلك. فيما يلي بعض الطرق للاحتفال بشهر رمضان في العام الهجري 1441.

1. الصلاة وقراءة القرآن: رمضان في جوهره يدور حول العبادة. إلى جانب الصيام، يعتبر علماء الإسلام قراءة القرآن وتلاوته أفضل وسيلة للتقوى، ومنهم من يرى أن قراءة القرآن واجب كل مسلم، لكن الجميع يتفق على عِظم ثواب قراءة القرآن في شهر رمضان خاصة. ومن المؤكد أنه لا يمكن لمعظم الناس مجاراة عمل الإمام الشافعي في القرن التاسع، والذي يُقال أنه كان يختم القرآن 60 مرة كل شهر رمضان، إلا أن المؤمنين سيكون لديهم بالتأكيد المزيد من الوقت للصلاة والتأمل بعيدًا عن المشتتات الأخرى.

2. بث الشعائر الدينية: بفضل الاتصال المحسن بالإنترنت، يمكن للجميع حضور الدروس والصلوات عبر الإنترنت من المساجد في عدد من البلدان المختلفة. في الإمارات العربية المتحدة، يتم تنظيم دورات للمسلمين الجدد عبر تطبيق واتساب، ولكن يجدر أيضاً التحقق من موقع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف (awqaf.ae) للحصول على تحديثات حول شعائر شهر رمضان.

3. أداء فريضة الزكاة عبر الإنترنت: بحسب الأحاديث النبوية، يجب على كل مسلم أداء زكاة الفطر، أو التصدق على الفقراء خلال الأيام الأخيرة من الشهر الكريم. وتعتبر هذه الشعيرة وسيلة لشكر المولى عز وجل على إتمام صيام رمضان. ويكتسب أداء هذه الفريضة أهمية أكبر هذا العام نظراً للأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين يعانون من الآثار الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا. وهناك الكثير من الطرق التي يمكن للمؤمنين من خلالها أداء واجب الزكاة عبر الإنترنت - سواء داخل دولة الإمارات العربية المتحدة أو في أي مكان آخر. وبالقليل من الوقت والبحث، يمكنك بسهولة العثور على الجهة المناسبة لتوزيع زكاتك على من ترى أنهم يستحقونها.

4. التكفل بتعليم طفل في دولة الإمارات العربية المتحدة: رمضان في حقيقته هو فرصة التفكير في الآخرين، وهذا هو السبب في أن الكرم يكتسب أهمية كبيرة في الشهر الفضيل. لكن بعض الأشخاص الأكثر تضرراً من فيروس كورونا هم من الأطفال الصغار الذين يحتاجون إلى الدعم ليتمكنوا من مواصلة دراستهم في هذه الأوقات الصعبة. وإذا كنت من محبي عمل الخير، فيمكنك المساهمة في إتاحة التعلم عن بعد لجميع الأطفال والشباب في دولة الإمارات العربية المتحدة في إطار المبادرة التي أطلقتها الحكومة حديثاً لهذا الغرض.

5. توعية الأطفال بقيم رمضان: لا شك في أن التواصل مع بعضنا البعض يصبح أسهل في رمضان من الأوقات العادية نظراً لأننا نقضي المزيد من الوقت معاً في هذا الشهر الفضيل. يمكن للوالدين، على وجه الخصوص، استغلال هذا الوقت في المنزل لمشاركة قيمهم مع أطفالهم وممارسة طقوس رمضان معاً. لكل عائلة تقاليدها الخاصة في الشهر الفضيل وليس هناك وقت أفضل من رمضان لمشاركة هذه التقاليد مع الجيل القادم - أو حتى استحداث تقاليدك الجديدة!

6. إعداد وجبة سحور عبر الإنترنت: باتت اجتماعات الفيديو عبر الإنترنت وحفلات أعياد الميلاد أمراً مألوفاً وشائعاً في حياتنا المعاصرة. حتى هنا في الإمارات، يجد السكان طرقاً جديدة للتواصل مع العائلة والأصدقاء البعيدين بفضل توافر خدمات الاتصال على اختلافها. توفر هذه التطبيقات طريقة رائعة لإعادة التواصل مع العائلة والأصدقاء في البلدان الأخرى - ولا يوجد سبب يمنعك من تناول سحور محلي أو دولي مع الأصدقاء في أي مكان حول العالم.